الاثنين، 22 أبريل 2013

بكم يدين لكم علاء الأسوانى ؟




أصدر الأديب العالمى علاء الأسوانى مؤخراً روايته الجديدة "نادى السيارات" ، صاحَبَ ذالك "ظيطة" من بعض القراء الرافضين للأسعار التى تم بها طرح العمل الأدبى حيث النسخة بـ60 جنية . وعلى تويتر وفيسبوك وجودريدز وجد هؤلاء فرصة جيدة لإظهار غضبهم العارم من دار الشروق ومن علاء الأسوانى شخصياً واتهموه بالجشع والإنفصال عن الواقع والنفاق إلى آخره . ونقلت إحدى الجرائد نداءاً عاطفياً من القراء إلى الأسوانى متسائلين "كيف تنظر فى عين قارئك الذى لا يستطيع شراء رواياتك ؟" ؛ يالها من مشاعر سلبية فياضة تلك التى تم بها إغراق الرجل وإتهامه فى ذمته الأخلاقية ؛ حسناً سأُحاول أن أعرض المشهد من هليوكوبتر بعيداً عن الهيستيريا والمشاعر المجوفة . 

هل يجب على الكاتب ودار النشر أن يدعما القارئ ويوفرا لهُ الكتب بالأسعار التى يريدها ؟ .. الإجابة لا ، هذة ليست مهمة دار النشر على أى حال ، وليس مطلوباً من أى كاتب أن ينزل بمستوى أسعار رواياته حتى يُرضى القُرّاء ، وإلا فإن قُرّاءه رخيصين لدرجة أنهم لا يقدرون قيمة الأدب ، ولو كانت الروايات الجيدة تُباع بقيمتها الأدبية الحقيقية لما استطاع شراءها إلا فاحشى الثراء ، لكنها تُباع بتقدير رمزى لقيمة الكاتب والعَمل الإبداعى ، وعن دعم الثقافة فهذة ليست مسئولية القطاع الخاص إطلاقاً إطلاقاً ، وإن فعل هذا فهو يكون من باب التطوع والعمل الخيرى لا من باب تحمل المسئولية ، لو كنتم تريدون للثقافة أن تصبح فى متناول الجميع فلتطلبوا من الدولة أن تُمكّن ذالك باستغلال أموال دافعى الضرائب استغلال صحيح فى نشر الثقافة ، لا تطلبوا من دار نشر تدفع ضرائبها للدولة أن تتنازل وتتطوع وتخفض أسعارها من أجل سواد عيونكم . 

أُريد أن أسأل الذين هاجموا الأسوانى ؛ بكم يدين لكُم علاء الأسوانى ؟ هل ـ مثلاً ـ ساندتم الرجل فى شبابه وبداياته الأدبية وجمعتم من أموالكم أموالاً لتساعدوه فى إصدار أول رواية وبالتالى عليه أن يرد لكم الجميل ؟ هل هو كاتب سئ وأنتم تشترون رواياته من باب البر والإحسان وبالتالى لا يجب عليه رفع سعرها ؟ بالطبع لا ، لا يوجد ما يُسمى أن القارئ له فضل على الكاتب أو أن القراء هم سبب نجاح الكُتّاب ، هذة أسطورة رسخها الكُتّاب الفشلة الذين يهللون ويكبرون ويلعقون ما بين أصابع القارئ مُكررين عبارات العرفان بالجميل والإمتنان حتى يستمر فى القراءة لهم ، بينما الكُتّاب الحقيقيون تكون العلاقة بينهم وبين القارئ إحترام مُتبادل ، ليس لأحدهم على الآخر فضل . وبالتالى هو من حقه أن يرفع أسعار رواياته ليجعلها تلامس السماء لو أراد مادامت قوانين الدولة تسمح بذالك ومادام الأمر لا يخضع لشُبهة إحتكار تجارى . 

من حق الأديب أن يكون متميزاً وأن يشعر بتميزه وتميُّز أسعار كتاباته لأن هذا يُعد نوعاً من التقدير ، ويمكنه لو أراد ـ تطوعاً وإختياراً ـ أن يختار خفض هذة الأسعار ، لكن لا يمكن لأحد أن يطلبه منه ذالك ، سيكون عملاً تطوعياً وخيرياً بحتاً يقوم به مواطن مصرى من أجل مواطنين آخرين ، ولو كُنتم تُريدون إجبار أحد على خفض أسعار الرواية فلتلجأوا لوزارة الثقافة أو حتى القضاء ضد دار النشر بتهمة الإحتكار ، لكن لو تمت تبرئتها ـ وأظنها بريئة ـ نعود لنقطة الأصل وليس لكم عندهم شيئاً . 

بدلاً من الضغط النفسى على أحد أهم 50 روائى فى العالم واتهامه بالطمع ، وجهوا هذة الطاقة إلى حكومتكم التى أوقفت الدعم بشكل كامل تقريباً على معرض الكتاب وأوقفت مهرجان القراءة للجميع أحد أهم الإنجازات الحضارية لمصر ، اضغطوا على حكومتكم يا دافعى الضرائب ولا تضغطوا على علاء الأسوانى فهو لا يدين لكُم بشئ . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.