الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

صرخة كلمة !

لا أعرف كيف تخلقنى بعقلك وتشكلنى بصوتك وتخرجنى من حنجرتك ثم تتهمنى أنى صفيقة ومبتذلة ووقحة ، سيدى الفاضل .. أنا منك .. كان يمكن أن لا أوجد من الأصل لولا أنك أردت أن تشبع مشاعرك التى تكرهها ، إن إضطهدتنى فأنت تضطهد نفسك .

نحن كلمات ؛ مجرد كلمات من وسط كلمات اللغة التى لا تحصى ، نتراوح بين الشتائم والسباب إلى التعبيرات التلقائية ، ببساطة نحن كلمات صفيقة !

نحن معشر الكلمات المتهمة بالإنحطاط لم نخلق أنفسنا وما يكون لكلمة أن تخلق نفسها ، إنما هم البشر الذين يتداخلون سوياً ويتحركون فى محيط إجتماعى يجعلهم كل يوم يخلقون كلمات جديدة ، ويرسلونها إلى محكمة فى مكان ما داخل عقولهم ، وتبدأ محاكمتها بناءاً على معايير تتكون من كلمات شقيقة ، مثلاً يجب أن أكون ذات صوت معتدل حتى أتوافق مع الطبقة الراقية من المجتمع التى تفرض ثقافتها ، إن كنت "لع" فأنا كلمة من البيئة المتدنية لا تليق بالبشر المتحضرين ، ويجب أن يتم تحويرى وتقطيع أطرافى حتى أصبح "لأ" ، وما بين لأ ولع سنوات ضوئية ، لم أقطع تلك السنوات ولم أقطع أطرافى حتى أتحول من واحدتها إلى الأخرى لكن البشر فعلوا ذالك ، ثم عادوا إلى يتهمونى فى كل مرة بأنى لا أستطيع التعبير بالشكل الكافى ، فتتم الإستعانة بكلمات من لغات أخرى ، لأجد نفسى منبوذة ملقاة على قارعة المعجم لا أجد من يبحث لى عن معنى ، بينما كلمات أخرى غريبة الشكل عديمة العين تنطلق على الألسن إنطلاق النار فى الحطب الجاف ، بعد أن تكوَّنت فى عقول هؤلاء ، رضوا بغيرى .. ثم إتهمونى بأنى لا أليق !

ذات يوم ، كنت أسير فى شارع راقى حيث لا عمل لى ؛  أفكر فى حالى وأراجع نفسى فى مسألة طلب الهجرة إلى المريخ ، وجدت رجلاً مهاب الهيئة ، ووجدت بعض الكلمات الشقيقة تخرج من بين شفتيه ، وفجأة وجدتنى أقفز على شفتيه وأتقلب على لسانه لأخرج فى النهاية بصوت مسموع ، يا ربى كيف حدث هذا ، ما يكون لى أن أخرج من هذا اللسان إنما أنا كلمة صفيقة لا ينطقنى إلا البشر الغير متحضرين ، هل حوار هذا الرجل المهاب مع زوجته يجعله يستخدمنى ، هذا يرضى غرورى بعض الشئ .. شكراً أيها المهاب .

تبعت الرجل إلى الأسفل لا لشئ إلا لأنه كان يستخدمنى كل ثلاث ثوانى تقريباً فأزداد غروراً وإحساساً بالعظمة وقد نطقنى أحد المهابين فى المجتمع ، ورأيت طفل يتراوح عمره ما بين العاشرة والتى تليها ، وقد ضم شفتيه بطريقة أعرفها جيداً ، هو يطلبنى للإستدعاء حيث أنه سينطقنى الآن ، فانطلقت إلى فمه الرقيق وأنا أشعر بسعادة عارمة ، فبعد أنا كنت أعتقد أنى كلمة لا تتداول إلا فى محيط الأسفلين وجدت لى رجل مهاب وطفل رقيق ينطقانى ؛ وبالفعل خرجت من فم الطفل وأنا أكاد أنفجر سروراً ، وما كدت أفعل حتى كدت أنفجر ذهولاً !

ذات الرجل المهاب الذى جعلنى أشعر أنى حصلت على عمل بدوام كامل على شفتيه ، ينهر الطفل الصغير الذى نطقنى للتو ويتهمه بأنه ينطق كلمات سافلة !

ما أوقحك !

ألم أكن أتحرك بين أحبالك الصوتية منذ أقل من دقيقة يا عديم الأصل !

أتمنى أن يتم قبول طلب هجرتى قريباً .. إلى حيث أرض ليس بها منافقين يستخدمونى ثم يهينونى .

أعرفكم بنفسى .. أنا مدام أحا !


شارك على الفيسبوك إضغط هــــنـــا

هناك تعليقان (2):

تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.