فى مثل هذا الوقت من كل عام ، تمتلئ المنابر العربية والحناجر العربية بالتبريرات والتبريئات التى تحمل نبرة متناقضة ما بين الشعور بالذنب والشعور بالفخر ، وتتحول قنواتنا الفضائية من العبث السياسى إلى العبث الأخلاقى عن طريق بث المتناقضات ، ما بين أشخاص فخورين منتشين وكأنهم قد شربوا دماء 2973 إنسان من أديان وجنسيات مختلفة بينهم عرب مسلمون ، وبين أشخاص ينافقون قناعاتهم الفكرية ويعملون على إيجاد تفسير منطقى للقتل ، ولا يعلمون أن تبرير القتل هو جريمة لا تقل فداحة عن القتل نفسه ، عندما تبرر للقاتل فكأنك تعطيه الغطاء الأخلاقى لجريمته ، وتحمل الضحية المسئولية ، لكنى أعذرهم على كل حال ، أن تكون عربياً مسلماً وسط عالم يرى فى كل العرب المسلمين أسامة بن لادن ، ليس أمامك إلا أن تكون بالفعل أسامة بن لادن ، أو تبرر لأسامة بن لادن ، أن تكون عربياً مسلماً .. فأنت فى موقف لا تُحسد عليه .
من المسئول ؟
لاشك أن هذا السؤال يوضع جنباً إلى جنب مع الأسئلة الأزلية التى حيرت العالم .
ماذا تريد النساء ؟
كيف تكونت الأرض ؟
من المسئول عن 11 سبتمبر ؟
أعتقد أنى أمتلك حق الإجتهاد فى هذا الأمر وأعتقد أنه ليس هناك من إنسان لا يمتلك هذا الحق ، هى مأساة تشترك فيها الإنسانية ، وتختلف عن غيرها فى صعوبة تحديد إتجاه المسئولية ، فهى إذاً تختلف عن مجازر القوات الأمريكية فى العراق ومجازر الكيان الصهيونى فى قطاع غزة ومجازر الصرب فى البوسنة ، ليس هناك مسئول محدد قد نفذ هذة الجريمة لكى يحقق مصالح معينة بوضوح ، الغموض هو العامل الأساسى .
محاولة إلقاء المسئولية على شخص بدائى يعيش فى مجاهل أفغانستان وجعله مسئول عن إختراق النظام الأمنى لأعتى دولة فى تاريخ العالم وتفجير أهم المبانى بها تساوى تماماً محاولة تحميل النمل مسئولية نقص السكر فى العالم ، هو فقط شكل من أشكال التهرب من المسئولية ، ولا شك أن هناك أطراف أخرى تتحمل الإثم كاملاً غير منقوص ، مجرد المشاركة بالتسهيل أو المشاركة بعدم المنع "مشاركة سلبية" تعتبر جريمة كاملة غير منقوصة ، وحتى المشاركة بتوفير الدافع تعتبر جريمة كاملة .
لا شك أن الإدارة الأمريكية بجانب تحملها المسئولية الإدارية عن الكارثة ، تتحمل أيضاً المسئولية عن نشر الكراهية حول العالم وتقسيم الأرض إلى معسكرات متناحرة حتى تضمن بقائها على عرش السلطة العالمى ، ولا شك أن الــ"حرب على الإرهاب" التى اطلقها جورج دابليو بوش بعد هجمات سبتمبر لها دوافع أخرى غير القضاء على منابع الهجمات ، لأن هذة الحرب المزعومة قد أفادت هذة المنابع أكثر مما ضرتها عن طريق توفير الحرب المقدسة وخلق التعاطف العربى الإسلامى معها ، ولأنها حرب لن تستمر إلى الأبد فسوف يخرج منها تنظيم قاعدة الجهاد وحركة طالبان أقوى من السابق ، هى إحدى فصول المسرحية العالمية التى نلعب فيها أدوار المتفرجين ، أو المضحوك عليهم ، حيث نجلس فى مقاعدنا الترابية الفقيرة لنشاهد أبراجاً تنفجر وحرباً على الإرهاب للثأر وتأتى الحرب إلينا وتطرق أبوابنا ونحن ما فعلنا إلا مشاهدة التلفاز فى يومٍ مشئوم ، ثم يُقتل المسلمون حول العالم ولا ذنب لهم إلا الإنتماء العقائدى ، ولأول مرة فى التاريخ تتم نسبة التطرف الفكرى إلى الإنتماء العقائدى ، فى حين أن التتار وهم الشعب الذى كان على وشك تدمير التراث العالمى بأكمله لم تُنسب همجيتهم أبداً إلى الديانة البوذية التى كانوا يدينون بها ولكن عندما تحدث عملية قتل عشوائية مثيرة للشكوك تمت بطريقة بدائية وغير منطقية أصلاً ( إختراق 4 طائرات لنظام الدفاع الجوى الأمريكى ! ) يتم تحميل المسئولية لأكثر من مليار مسلم حول العالم وتنطلق الرصاص الأمريكية لتقتل حوالى خمسين ألفاً منهم ، وليس لهؤلاء الآلاف الخمسين يوم نتذكرهم فيه ولا ساعة ننكس فيها الأعلام من أجلهم ، وليس ورائهم وسائل إعلام تبث عنهم الأفلام الوثائقية وتجعل العالم يبكيهم ، تباً للعالم الغير عادل .
أليسوا قتلى ؟
هل الدم الأمريكى أزرق اللون فاخر الموديل والدم العربى أحمر اللون رخيص ؟
لا أعتقد هذا وإنما شراكتنا البشرية وسريان الدم الأحمر موحد التركيب فى عروقنا يجعل من أرواحنا أشياءاً متساوية الأثمان ، لكنها ليست متساوية فى شكل القتل ، هذا يُقتل وهو يمارس عمله فى منظمة دولية فتسقطه طائرة مريبة مجهولة المصدر قتيلاً وتترك ورائه أسرة مكلومة ، وهذا يقتحم عليه الجنود منزله فيقتلونه أمام أسرته المكلومة ، لافرق عندى بين الجسدين ، كلاهما يقتل غدراً وظلماً وإن تعددت أوجه القتل ، فى ذكرى 11 سبتمبر لا يجب أن نرثى فقط هؤلاء الـ2973 قتيلاً ، لكن نرثى آلاف القتلى الذين أسقطتهم الكراهية والعنصرية والمصالح حول العالم ، ونرثى آلاف الجرحى ومئات آلاف المشردين ، ونرثى الدول التى أسقطتها النزوات السياسية ، والفتن التى أيقظتها الحسابات السياسية ، والجثث التى قتلتها الرغبات السياسية .
أليسوا قتلى ؟
هل الدم الأمريكى أزرق اللون فاخر الموديل والدم العربى أحمر اللون رخيص ؟
لا أعتقد هذا وإنما شراكتنا البشرية وسريان الدم الأحمر موحد التركيب فى عروقنا يجعل من أرواحنا أشياءاً متساوية الأثمان ، لكنها ليست متساوية فى شكل القتل ، هذا يُقتل وهو يمارس عمله فى منظمة دولية فتسقطه طائرة مريبة مجهولة المصدر قتيلاً وتترك ورائه أسرة مكلومة ، وهذا يقتحم عليه الجنود منزله فيقتلونه أمام أسرته المكلومة ، لافرق عندى بين الجسدين ، كلاهما يقتل غدراً وظلماً وإن تعددت أوجه القتل ، فى ذكرى 11 سبتمبر لا يجب أن نرثى فقط هؤلاء الـ2973 قتيلاً ، لكن نرثى آلاف القتلى الذين أسقطتهم الكراهية والعنصرية والمصالح حول العالم ، ونرثى آلاف الجرحى ومئات آلاف المشردين ، ونرثى الدول التى أسقطتها النزوات السياسية ، والفتن التى أيقظتها الحسابات السياسية ، والجثث التى قتلتها الرغبات السياسية .
للمشاركة على الفيسبوك إضغط هـــنـــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.