الأربعاء، 27 أغسطس 2014

ليه عنترة بن شداد؟

عنترة بالنسبالي مثال للراجل الحقيقي، الراجل اللي عنده طموحات طبقية شرعية وبيحققها بالطرق الرجولية، بالسيف والشغل على نفسه وتطوير مهاراته، عارف إيه أصعب من إنك تتحول من فلاح ابن فلاح لباشا ابن باشا؟، إنك تتحول من عبد لـ حر.

عنترة كان عبد وقدر يبقى حر عن طريق الشغل، الشغل ده بيختلف بقى من عصر لعصر، على أيامه كانت الحروب هي المكاتب والسنان هي الأقلام، وهو كان مثال للشخص مدمن العمل (الـjob addicted) اللي معندوش استعداد يذل نفسه لأي حد مادام يقدر بشغله يوصل للدرجة اللي عايزها.

عنترة كان بيحب نفسه، بيعشقها، أصلاً أنا شايف قصة حب عنترة الأصلية ليست مع ليلى لكن مع ذاته، قال شعر في نفسه أكتر ما قال في ليلى، وحتى لما قال شعر في ليلى كان بيفخر بنفسه ويلتمس طريقه لعشقه الذاتي الأصلي :

هلا سألت الخيل يا ابنة مالكِ، إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعف عند المغنمِ

عنترة مكنش مجرم لكن كان فارس، رغم إدمانه للقتل في المعارك لكنه كان يكره ما يكره الفرسان، كان بيكره إن حد يشتمه أو إنه يرد الشتيمة بمثلها:

ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر للحرب دائرة على ابني ضميمِ

الشاتمي عرضي ولم أشتمهما والناذرين إذا لقيتهما دمي

معنى الأبيات : أنا خايف أموت قبل ما ألتقي في الحرب بـ ابني (ضمضمِ)، وضمضم هذا هو فارس قتلهُ عنترة في معركة سابقة، وأولاده هما (هرم وحصين) كانوا بيتوعدوا عنترة بالقتل إذا لقياه، وبيشتموه في عرضه، وهو كان خايف يموت قبل ما يقابلهم بالسيف.

عنترة كان عنده مباديء وقيم تتدرس، ليه قصائد في الحكم رائعة، لازم تقرأوا قصيدة (وللموت خير للفتى من حياته) اللي بيقول فيها : وللموت خيرٌ للفتى من حياته إذا لم يثب للأمر إلا بقائدِ، يعني انت تموت أحسن ما تبقى حياتك كلها انقياد للآخرين.

العرب بتُطلق على الشخص اللي قدر يوصل بمجهوده اسم (عصامي)، وده من بيت شعر للنابغة الذبياني بيقول فيه : نفس عصام سوَّدت عصاما. وعصام اللي اتقالت فيه القصيدة هو عصام بن شهبر الجرمي حاجب النعمان بن المنذر، لكن أنا مش فاهم ازاي عصام هذا يبقى هو مثال ومصدر اسم العصامية (أصبحت مصطلحاً للاعتماد على الذات) بينما عنترة بن شداد أحق بذالك وأولى، وأظهر في المثال وأوضح، عنترة هو أيقونة الذاتية الإيجابية على مر العصور.

السبت، 16 أغسطس 2014

شرح بالعامية لمقطع من إحدى قصائد زهير بن أبي سلمى

في فترة الإنفلات الأمني في الجاهلية واحد اسمه الحارث بن ورقاء (اسمه بالكامل الحارث بن ورقاء بن سويط بن الحارث بن نكرة بن نوفل بن الصيداء، واتكرر اسمه في قصائد زهير بني أبي سلمى باسم ابن ورقاء أو ابن نوفل، أبناء عمومته بني الصيداء وعشيرته بني نوفل وقبيلته أسد) هجم على أملاك زهير بن أبي سلمى، واستولى على مجموعة جمال مع الراعي بتاعهم كان عبد راعي اسمه يسار.

زهير كان شاعر، والشعراء في الجاهلية كانوا قوى عظمى، كل الناس بتخاف منهم، لو رزعك قصيدة هجاء هيفشخ وزنك بين القبائل والناس هتتغنى بشتيمتك.

زهير الشاعر الأسطورة هدد الحارث بن ورقاء إنه لو مرجعش العبد الراعي "يسار" مع الجمال هيكتب فيه قصائد هجاء تخليه يفقد كل شيء، القصيدة أمضى من السيف، قصائد زهير كان اسمها الحوليات المحككة، القصيدة بتاخد سنة كاملة علشان تطلع للنور ولما تطلع مترجعش تاني، أسطورة في رصانتها وبلاغتها وأسلوبها.

من أروع قصائد زهير تلك التي هدد بها الحارث بن ورقاء وطلب منه إنه يرجعله العبد بتاعه:

هلّا سألت بني الصيداءِ كُلَهمِ، بأي حبل جوارٍِ كُنتُ أمتسِكُ؟

يعني اسألوا بني الصيداء  "العشيرة اللي منها الحارث" إزاي احنا جيران ويعملوا معايا كده، شكلها إيه الجيرة دي.

يا حارُ لا أُرميَن منكم بداهيةِ، لم يلقها سوقةٌ قبلي ولا ملكُ

البيت ده ولا أروع، يا حارُ : يقصد يا الحارث، بلاش تعملوا معايا حركة منحطة محصلتش قبل كده للـ "سوقة : الدهماء والعامة" ولا الملوك، العرب كانوا بيعتبروا غدر الجيران دي أفظع الفظائع وأحط أوجه الإنحطاط.

أُردد يساراً ولا تعنف عليه ولا تمعك بعرضك، إن الغادر المَعِكُ

يعني رجعلي العبد الراعي بتاعي، ومتعرضوش لأي إهانة، ومتعرض عرضك وشرفك وسمعتك للبهدلة بالغدر.

ولا تكونن كأقوامِ علمتُهُم يلوون ما عندهم حتى إذا نُهِكوا
طابت نفوسهمُ عن حق خصمهمُ مخافة الشرِّ فارتدوا لما تَرَكوا

متبقاش زي الناس اللي يعاندوا لحد ما "يُنهَكوا" يعني يتشتموا ويتعرضوا للهجاء، وبعد ما يتهزقوا ويتبهدلوا يتنازلوا ويرجعوا في كلامهم.

تَعلَّمن، ها، لَعَمرُ الله، ذا قسماً، فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلِكُ

البيت ده تهديد صريح، أداة التنبيه وأداة القسم وأسلوب الأمر، اقدر بذرعك يعني شوف خطواتك، يعني بالمصري شوف بتحط رجلك فين، وانظر أين تنسلِكُ يعني متدخلش نفسك في حوارات انت مش قدها.

لئن حللت بجوِ في بني أسدِ في دين عمرو وحالت بيننا فَدَكُ
ليأتينك مني منطقٌ قذعٌ باقِ كما دنس القُبطية الوَدَكُ

يعني لو أنت في حمى عشيرتك وقبيلتك وبيني وبينك صحاري شاسعة هيوصلك مني قصيدة هجاء خالدة الذكر تشوهك وتحط من شأنك للأبد ولا يزول أثرها، تلوث ذكراك كما يتلوث الثوب الأبيض بالشحم.

جدير بالذكر إن الحارث اضطر يطلق سراح العبد الراعي يسار ويكسيه كمان ويرجعه لزهير بني أبي سلمى معزز مكرم رغم إن عشيرته "بني نوفل" اعترضوا وطلبوا منه يقتل العبد، زهير كتب قصيدة تانية فيها مدح للحارث وهجاء لبني نوفل ، ومن القصيدة دي بيت رائع بيقول فيه :

إن ابن ورقاء لا تُخشى غوائلهُ، لكن وقائعهُ في الحربِ تُنتظرُ.

يعني الراجل ده ميتخافش من غدره، لكن في الحروب ضرباته حاسمة.

عموماً يعني زهير بن أبي سلمى حد كويس، ابقوا اقرأوا الديوان بتاعه.

تحميل الديوان PDF :  اضغط هنا

سكرينشوتات من ديوان زهير :

------
 ------

 ------