الاثنين، 10 يونيو 2013

夏天

أشعر* الآن بالحزن ، كما لو أني أرى أفروديتي إلهة الجمال تُباعُ كالجواري ، أو جسد ملكة فرعونية عظيمة يُعرضُ في مزادٍ علني . أشعر بالحزن ، وكل الأشياء حولي تُحرضني على الاستمرار في شعوري . هانت الدنيا فليس أسهل عليَّ الآن من الخروج على قواعد الأرض . 

الجميلات لم يُخلقن عبثاً ، ولم يحصلن على هذا الكم من الجمال بفعل عشوائية الطبيعة ، لا يجب اضطهادهن في مدينة القبح هذه ، إلى متى سيستمر الوطن في  تشويه روح كل جميلة وقتل طموحها وإجبارها على التبعية . وإلى متى تستمر الجميلة نفسها في القبول بهذا الوضع ، لا أُحرضكِ على الثورة ؛ وأعرف أني لو فعلت فإني أدفعك لقتل نفسك ، ولو كنت مكانك لما استجبت لدعوات الانقلاب على الحاكم التي تستمعين إليها ليلاً نهاراً . لا تنقلبي ولا تثوري ، احزني في رُقيّ ، ابكْ ، مزقي الوسادة ، وتعالي إليَّ بعد عامين وقد فقد وجهك نضارته وتهدّل ثديك وانطفأت عيناكِ وقولي "قتلوني" .

وما بيدي شيء ، ولا بعقلي ، ولا بقلبي شيء ، أنا مثلك يا مريم ؛ ضعيفٌ قليل الحيلة ، استلب التتر أسلحتي ووزعوها فيما بينهم ، فذاك يأكل عقلي وذاك جسدي ، وثالثٌ يركض وراء رابعٍ يُمسك بكفه أطراف روحي . الحزن يقُصّني كالأظافر الطويلة، فسامحيني .

وعدتكِ يوماً أن أبقى بجوارك مهما تقلّبَت الأيام ، وبمجرد الاهتزاز ؛ رحلت . أنا لست رجلاً يا صغيرتي ، لست رجلك ، لست فارسك ولا فارس أحد ، لن أمتطي يوماً جواداً ابيض لأُنقذ أميرة سمراء ، إني رجلٌ مُنهكٌ كاذبٌ مُدَّعي يكتفي بالبكاء الهيستيري في أحلك المواقف . لا أفكر بعقلانية ، ولا أبكي بعقلانية ، ولا أُمارس الرجولة . مُدركٌ تماماً لما وراء كلماتك عن هذا الغير مناسب الذي ارتقى القمر . مُدركٌ تماماً لوضعك يا مريم ، أعلم أنك مُضطرة ، ولم تُدركي بعد أنه لا أحد يجيب المضطر . الجميع متآمرون عليكِ ، السماء والأرض والبحار والصحاري ، الكُلُّ يتآمر على شفتيك كي تتحجرا .

لا تشعري بالذنب ولا تضعي نفسك موضعاً أقل مما جعلتك فيه . ولا تشعري أنّكِ خدعتني وزيّفت نفسكِ أمامي ، كذباتك الصغيرة أعرفها وتعرفني وبيننا صداقة ، أعرفُ كل خطاياكِ ، وأكبرها أنّكِ تصطنعين الخطايا ، تكذبين كثيراً محاولةً إبداء شفتيك كأنهما لغانية إغريقية . وهما ليستا كذالك ، أعرفُ جيداً أنهما كالألماس الخام الذي لم تلمسهُ أصابع فنان يُقدّرُ فنَّه . لا تدّعي أنكِ فعلتِ وفُعلَ بكِ ، نهداكِ ما زالا بغلافهما لم يُمسّا .

وأعرف أني لست عندك شيئاً ، ولا يعنيني هذا بشيء . لا أفكرُ في الضغط عليكِ كي أحتل جزءاً من يسار الصدر ، لن أزيد همَّكِ همَّا . ولو أملك الذي يطلقه الساحر على القلب فيتحرر لما ترددت به أن أحرر قلبك الصغير . يا مَريم التي قُتلت بها مشاعر الحب الطبيعية ، يا مَريم التي لا تُجيد الحُب أصلاً ، ولا تعرف كيف يكون ، يا بدائية التكوين ، هدّئي رَوعَ روحك .

لست أكتب عاشقاً أو مُدَّعياَ أو معاتباً ، انتهى وقت كل شيء . قولي مثلاً أنّي أكتبُ باكياً ، أكتب كالطفل الشارد لا يعي ما يقول ولا يفهمه أحد ، لا تلتفتي لي ولو قليلاً . إنّي لا أُدرك كيف يكون العالم الحقيقي ، تأتيني منهُ الصدمة تتبعها الصدمة فلا أُدرك الواقع إلا وهو يعتصرني .

يا مَريَمي ؛ يا أكمل البنات ، تذكّري جيدا أن الأشياء ليست كما تبدو عليه ، والسلام . 

*صيف

هناك تعليق واحد:

  1. أول طلّة لي هنا ..
    رائع تعبير الجنيه على صفحات كتاب أحلام .. شعرت المثل بعد قراءة نسيان .. أفلست تماما بحق

    جميل قلمك ..

    ردحذف

تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.