الثلاثاء، 5 مارس 2013

كلام وانتقام


كان هناك طبيب يتحرش جنسيّاً بمريضاته أثناء الكشف الطبى ، وذات مرة أصيب بالشلل فى يده !

كان هناك طبيب يتحرّش بمريضاته أثناء الكشف الطبى ، وذات مرة ، تعرضت زوجته للتحرش الجنسى من قبل طبيب آخر !

كان هناك طبيب يتحرش بمريضاته أثناء الكشف الطبى ، واستمر فى جريمته فترة طويلة ولم تُشل يده ولم يتحرش أحد بزوجته !

الموقفين الأول والثانى ، يثيران فى النفس هذا الشعور بالعدل والإطمئنان ، لكنه ليس كذالك بالضبط ، ما حدث هو أنك بمجرد معرفة أن هذا الطبيب يتحرش بالمريضات ، ثارت فى نفسك شهوة الإنتقام ، وشلل يد الطبيب يرضى هذة الشهوة ، وأن يتحرش أحدهم بزوجة هذا الطبيب هو نوع من تنفيذ العدالة . لكن لو نظرنا للأمور بنظرة مُحايدة وآلية وخالية من هذا التداخل الشعورى الذى يقع فيه الإنسان ، سنجد أن هذا الطبيب ربما يُعانى من مرض نفسى ما لم تُتح له فرصة العلاج منه ، وأنه لو أصيب بالشلل سيتوقف عن ممارسة الطب ويتعرض أبناؤه وزوجته لمأساة محققة . كما أن زوجته لا علاقة لها بجرائمة ، ويكفيها ظُلماً أن زوجها يخونها .. هل من العدل أن تنصب جرائم زوجها عليها ، ولا تزر وازرةً وزر أخرى .

هكذا بالضبط هو شعور الإنتقام ، غير عقلانى وبنسبة كبيرة جداً غير عادل ، ويُضاف لهذا أيضاً أنه شعور أنانى لأقصى درجة ، ولتتضح هذة النقطة دعنا نتخيل مجتمعاً يسود فيه قانون رغبة الإنتقام ، تخيّل كم شخصاً يُريد أن ينتقم منك وهو يعتقد أن هذا قمة العدل ، تماماً كما قد تريد أنت الإنتقام من آخرين معتقداً أنك بهذا تحقق العدل ، رُبما الشخص الذى "طرطشت" عليه ميّة الشارع أثناء مروك بسيارتك ، يوّد لو يمسكك أنت وسيارتك ويغرقكما فى مياة المجارى ، تماماً كما تُريد أنت أن تُلقى الشخص الذى خبط فى سيارتك من الخلف . هو عدل من طرف واحد ، أو بمعنى أدق هو إرضاء لشهوة الإنتقام وتبريرها بتنفيذ العدل .

لكن ؛ أليس رفض الإنتقام بشكل مطلق قد يقف عائقاً أمام تنفيذ العدل . هذا قد يكون صحيحاً ، لكن فى عالم من البشر الآليين ، أو فى نموذج محاكاة كمبيوترى حيث يتم تطبيق القواعد والقوانين بشكل صارم وبدون مراعاة أى اعتبارات أخرى ، لكن فى كوكب كهذة الأرض الزرقاء ، تقول القاعدة أن "الحياة غير عادلة والأشخاص غير منطقيين" ، بمعنى : تخيّل عدد الأشخاص الذين يُلقى القبض عليهم بتهمة التحرش ، ويتم تنفيذ عدالة القانون ، ثم تخيّل العدد الآخر من الأشخاص الذين لا يُقبض عليهم ولا تنفذ فيهم عدالة القانون ، هل هذا عدل ؟ .. نعم هو كذالك بمقاييس الأرض ، وليس بمقاييس العدل الأوزوريسى المثالى . 

جميع الأديان ، وبعض الفلسفات ، تنُص على أن العدالة المثالية التى تُرضى النفس البشرية ستتحقق يوماً ما بعيداً عن هذة الأرض ، فكرة مُريحة ، وجاذبة ، وإن أقلبنا الجيم كافاً فى بعض الفلسفات الأخرى التى تحض على تقبل هذة العدالة الأرضية والتعايش معها . وحقيقةً يُعتبر تقبل هذة العدالة الغير مثالية هو الحل الوحيد . وهو أيضاً يُرضى شعور الأنانية الطبيعى لدى الإنسان لكن على المدى البعيد ، فمن حسن الحظ أننا لا نستطيع إلا التعايش ، وإلا كنت أنا وأنت سنُصبح مُعرضين ليد المثالية الإنتقامية بعد كل لفتة وكل تصرف ، وحتى إن لم تكن تتقبل هذا الواقع العادل جزئيّاً ـ الغير عادل جزئيّاً ، فأنت ببساطة لا يمكنك أن تُغيره ، سيتعرض طبيب مُتحرّش للعقاب ، وسيفلت آخرون ويعيشون حياة طبيعية ، لا يمكن إلا التقبل لأن الأرض لن تُغير قواعدها .

باولو وفرانشيسكا ـ دومينيك آنجر ـ من مدوّنة لوحات عالمية

هناك تعليق واحد:

  1. كان هناك إسلامي أحمق إنتخب على الإسلاميين ففجرو قنبلة و بترت ساقه و يده التي وضع بها ورقة الإنتخاب
    جزاء عادل

    ردحذف

تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.