الاثنين، 1 أكتوبر 2012

أشكال صيدلية



الأسبوع قبل الماضى فى أول محاضرة أشكال صيدلية لى هذا العام ، تعرضت لنقاش متوتر مع الدكتور ، كان جوهر النقاش هو علاقة الإحترام بطريقة الجلوس ، وتفرع إلى تحديد المسيطر على إتجاه المحاضرة ، أدركت يقيناً أن بعض الأشخاص لم تلمس الثورة أرواحهم ، وأن غيسابو السيطرة التعليمية لا زال يدير العلاقة بين المعلم والمتعلم ، الدكتور التى تخرجت من جامعة أمريكية لا تقتنع أن طريقة الجلوس تعتمد على عوامل نفسية وجسدية ولا ترتبط إطلاقاً بمدى تقديرك / إحترامك للمحاور ، على كل حال رأيى ليس مهم على الإطلاق ، بينما كانت الدكتور توجه لى الجمل المتتالية التى تحمل نفس المعنى "أنا صاحبة الكلمة - أنا أتخذ القرار - أنا معلمكم الأعلى - هذة المحاضرات تجرى من تحتى" كانت تشير بيدها رافضة أى تعقيب منى ، وعندما طلبت منها أن أمارس حقى الإنسانى فى الرد أجابت : لأ ! 

كل ما رويته أحداث منطقية ومتوقعة من التعليم المصرى ، لكن غير المنطقى وغير المتوقع أنى لا أحمل أى مشاعر سلبية تجاه هذة الفتاة / الدكتور / السيدة ، تعجبت جداً عندما وجدت نفسى الأسبوع الماضى أسرع للوصول للقاعة حتى لا يفوتنى أى جزء من المحاضرة ، وتعجبت عندما وجدت نفسى أستمع بإندماج للشرح الذى يزيد الأمور تعقيداً ، وأتابع بتلهف الكلمات التى لا تمت للعلم بأى صلة ؛ كانت الدكتور تحدثنا عن الإلتزام الدراسى وكيف أنها كانت "الأول على الدفعة" ، وكيف رفضت أن تتغيب عن إمتحان العملى رغم أنها كانت مصابة بكسر فى القدم ، ما كان أى من أصدقائى ليخاطر بأن يحكى لى هذة الأشياء لأنى بالتأكيد كنت سأصفعه بأقرب ما تصل إليه يدى ، لكنى إستمعت للدكتور بينما هرمونات الإنشكاح تتدفق إلى رأسى .

_____________

العام الماضى كانت هناك فتاة شعرت أنها مختلفة عن الأخريات ، لا أدرى ما وجه الإختلاف ، ربما هو ذالك الحرف الناقص فى لسانها والذى يضفى لكنة فرنسية على بعض كلماتها ، أو هدوئها المفرط الذى لا يوحى بأى تفاصيل ، أو وجهها الذى يشبه الصفحة البيضاء المتأهبة كى يُكتب عليها الشعر بالشفاه .

عندما تكلمت معها ؛ إكتشفت أنها من محبى مبارك ، ترى أن احمد شفيق رجل وطنى والثورة قلة أدب والثوار مش متربيين ، فجأة تحولت لكنتها الفرنسية فى أذنى إلى عاهة مستديمة ، وهدوئها شلل نصفى ، ووجهها عملة معدنية تعرضت للدهس .

______________

نظام الساعات المعتمدة يتيح لك إختيار الدكتور الذى تدرس معه المادة ، فى أول عام جامعى لى كنت أدرس اللغة الإنجليزية مع دكتور تتمتع بشخصية رائعة ، كانت محاضرة اللغة الإنجليزية بالنسبة لى وقت ترفيهى أفضل من أى شئ ، رغم أنى لم أحضر الإختبار الشفوى ، ولم أحضر ملف العمل ، وكتبت فى الإختبار النهائى عن باريس بدلاً من القاهرة كما كان مطلوب ، إلا أنى تخطيت المادة بدرجات مرتفعة ، أعتقد أن الدكتور كانت تمتلك الحاسة التعليمية .

هذا العام أدرس اللغة الإنجليزية مع دكتور على وشك أن تجعلنى أكره اللغات بمختلف أشكالها ، المحاضرة تحولت إلى عقاب لدرجة أنى حاولت أن "أخلع" أمس لكنى أخطأت فى إختيار "حجة الخلعان" ؛ طلبت منها الإذن بالخروج لأن عندى موعد مع الدكتور "س" ، فاجأتنى بالرد : لكن الساعة الآن الرابعة عصراً والدكتور "س" يغادر فى الثانية ! ؛ قلت لها أن الموعد ليس مع الدكتور لكن مع سكرتيرته !
بالمناسبة سكرتيرته جميلة ..
لكن الدكتور ردت بصرامة : السكرتيرة أيضاً إنصرفت .
حسناً أنا مصاب بالكلى والآن هو ميعاد الغسيل الكلوى ، أيمكن أن أخرج الآن ؟
قلت هذة الجملة وأسرعت إلى مقعدى قبل أن أسمع الرد .

_______________

تعرفت منذ أسبوعين على فتاة عبر الإنترنت ، مثقفة جداً بشكل إستثنائى ، تتحدث بلباقة وذكاء ، تحاورنا لأكثر من أربع ساعات وهو ما لا يحدث عادةً ، عرفنا الكثير من الأشياء عن بعضنا ، عندما سألتها : هل سنلتقى ثانيةً ؟
ردت : ما رأيك أن لا نلتقى ونجعل لقاءنا ذكرى المرة الواحدة ، ربما إن تقاربنا أكثر من هذا نفقد التشويق ، لنجعل من أنفسنا ذكريات .

الفكرة جميلة وافقت عليها ، بعد شد وجذب وإقتراحات وتعديلات إتفقنا أن نلتقى مرة ثانية بعد عام ، ونرى هل سنذكر هذا الموعد البعيد أم لا .

لم أشأ أن أنهى اللقاء الجميل ببساطة ، أطلقت إليها بعض الكلمات : لو كنت معى الآن لأعطيتك فى شفتك قبلة لا تنسيها أبداً ولو بعد ألف عام .
ردت الفتاة بأن كلماتى هذة أصابتها بالذهول والحزن "لا أدرى مدى صحة هذا" ، وأنها ربما تعيد النظر فى إعادة تفعيل العلاقة العابرة بعد عام ، لكنى أقنعتها أن كل شئ على ما يرام .

وبعد يومين وصلتنى رسالة على الفيسبوك : أعتقد أنك أخطأت بشدة ، لن نلتقى ثانيةً إلى الأبد ، إنتهى !

لا أعتقد أننا سننسى توافقنا العقلى / الروحى أبداً ، لكنه تأثير الكلمات يصيب الآخرين بالتوتر .

_______________


حياتى بين الكتابة والقراءة وأشياء أخرى لا تتعدى كونها مجرد أشكال مختلفة لنفس المادة ، تماماً مثل المادة الفعالة التى توجد فى العديد من الأشكال الصيدلية .


عمر أبوالنصر
1/10/2012
4.31 AM

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.