الخميس، 24 أبريل 2014

وهم الشعبية المزيفة في تويتر والفيسبوك


You can't fake creativity, competence, or sexual arousal.

"Douglas Coupland"


كشفت فضيحة تامر حسني المدوية في العام الماضي عندما انخفض عدد متابعيه على تويتر إلى النصف ( التفاصيل )، كشفت تلك الفضيحة غطاءً هشاً عن شبكة كبيرة من تزييف الوعي الذي يحصل بكثرة مخيفة تحت السطح في مواقع التواصل الإجتماعي عموماً وتويتر خصوصاً.

بوضوح وبدون تفاصيل سأحاول شرح كيف يحدث هذا، كيف تعكس مواقع التواصل الإجتماعي صوراً مزيفة عن مدى شعبية الشخص وجودة أفكاره وانتشارها.

في تويتر؛ إذا كنت تقيّم الأشخاص بحسب عدد متابعيهم، فتوقف عن ذالك يا صديقي، لأن موقع خمسات لبيع الخدمات الإليكترونية يمتليء بمئات العروض لبيع متابعين وهميين ( اضغط هنا ) وتصل العروض للرخص لدرجة أن بعضها يعرض عشرة آلاف متابع بخمسة دولارات فقط، أي حوالي 35 جنيه مصري أو 20 ريال سعودي تقريباً، يمكنك شراء أربعين الف متابع لتصبح مشهوراً كفاية على تويتر.

لكن كيف يحدث هذا؟

حسناً، موقع تويتر سخيف جداً لدرجة أنه يمكنك عمل 100 حساب تويتر يومياً بدون رقيب من إدارة الموقع، ولن يعتبرها إنشاءات وهمية (سبام)، فقط عليك الدخول إلى أحد مواقع إنشاء البريد الإلكتروني المؤقت ( مثل جوريللا ميل ) والإنطلاق في بناء مئات حسابات تويتر.

بعد تكوين قائمة محترمة من حسابات تويتر التي لا تعبر عن أشخاص حقيقيين يقوم الشخص بربطها سوياً بحيث يمكن توجيهها جميعاً كأنها حساب واحد عن طريق تطبيق تويتدك، يمكنه عن طريقهم عمل ألف ريتويت مثلاً لتغريدة ما على تويتر بضغطة زر.

لكن لماذا ينتهي كل هذا نهاية مأساوية ميلودرامية مثل تلك التي حدثت لتامر حسني؟

الحسابات الوهمية في تويتر عادةً ما يتم إساءة استخدامها بشكل واضح وفج، مثل الريتويت المدفوع والفيفوريت المدفوع ومتابعة قوائم كاملة من الأشخاص، وبالطبع لا تقوم بتفاعل حقيقي أو كتابة تويتات ذات مغزى، لذالك فإنه من المعروف لأي شخص تعامل مع الحسابات الوهمية أنها معرضة للإغلاق بشكل دوري كل فترة معينة حسب درجة إساءة استخدامك لها، فأحياناً يستمر الحساب الوهمي لعام كامل وأحياناً يغلق بعد شهور. لكن لأن تويتر سخيف، فإنه أحياناً كثيرة يُعيد نشاط الحساب الوهمي بعد فترة من إيقافه.

وهذا يبرر انخفاض عدد متابعي تامر حسني، الحسابات الوهمية أغلق عدد كبير منها، وإذا تابعتم التعليقات التي يقدمها "المشترون" على خدمات بيع المتابعين في موقع خمسات يمكنكم رصد العديد من الشكاوي التي تقول أن المتابعين انخفض عددهم بعد الشراء، رغم أن هذا طبيعي ومنطقي.

هذا عن تويتر فماذا عن الفيسبوك؟

الفيسبوك موقع محترم بالفعل، قوانينه صارمة ومتابعة تنفيذ القوانين صارم أيضاً، لكن تلك القوانين نفسها هي التي تصنع الثغرات، فرغم أن التعديلات الأخيرة في الفيسبوك خفضت مستوى تفاعل الصفحات التجارية كثيراً لصالح الصفحات التي تطرح محتوى حقيقي أو التي تعبر عن أشخاص حقيقيين، إلا أن هذا لا يمنع ظهور شعبويات مزيفة كثيرة على الفيسبوك.

مثلاً؛ آية مصطفى فتاة لطيفة تقدم فيديوهات كوميدية على يوتيوب، لديها صفحة على الفيسبوك ازداد عدد معجبيها ربع مليون في اسبوع واحد ( المصدر ). إذا كنت تعتبر هذا دليلاً قاطعاً على شعبية آية، فأعد التفكير.

الفيسبوك يطرح دورياً ميزة "الدخول في قائمة التوصيات" لصفحات الفيسبوك، أي أنه يتم عشوائياً اختيار مجموعات من الصفحات النشطة وضمها إلى قائمة من الصفحات تظهر بكثرة لمستخدمي الفيسبوك في الشريط الجانبي تحت عنوان "صفحات موصى بها"، اختيار الصفحات للدخول في قائمة توصيات الفيسبوك يتم عشوائياً، كانت لدي صفحة مختصة في نشر صور الطبيعة موجهة للناطقين بالإنجليزية دخلت في قائمة التوصيات فكان عدد معجبيها يزيد يومياً بمعدل 15 ألف معجب، ثم تم إغلاقها من قبل إدارة الموقع بعد أن وصلت لحوالي ربع مليون متابع لأني نشرت محتوى من موقع ناشيونال جيوجرافيك محمي بموجب حقوق النشر، وهذا سبب غير شائع لغلق الصفحات في الواقع، لكنها مأساة نسألكم الدعاء.

هذا بالضبط ما حدث في صفحة آية مصطفى ويحدث في صفحات فيسبوك كثيرة تعتقد أنها زادت بسبب زيادة شعبيتها بينما زيادتها حدثت نتيجة صدفة بحته. وهناك وسائل أخرى كثيرة غير شرعية لزيادة الصفحات مشابهة لما يحدث في تويتر، حيث يتم بيع المعجبين للصفحات بأسعار تتراوح ما بين دولار وثلاثة دولارات للألف معجب.

كما أن متابعي الحسابات الشخصية في الفيسبوك (السبسكرايبرز سابقاًُ الفوللورز حالياً) يتم بيعهم أيضاً عن طريق قوائم مشابهة لما يحدث في تويتر لا داعي لشرحة طريقة عملها، وأسعار المتابعين للحسابات الشخصية رخيصة جداً ومتاحة في موقع خمسات أيضاً، لكنهم بالطبع متابعين وهميين لا يتفاعلون معك وكما ذكرنا فإن عددهم قد يتناقص، لكن رغم هذا فإن فيسبوك لا يزال موقع منضبط مقارنةً بتويتر المُهمَل.

مواقع التواصل الإجتماعي، ذالك العصر الجديد، ورغم كل عيوبه فإنه سيظل كوكباً موازياً جميلاً، استمتعوا به دون أن تتعرضوا للخداع.

تحديث هام : يتيح الفيسبوك ايضاً دفع الأموال مقابل الترويج للصفحة أو المنشور على صفحتك الشخصية، وهي طريقة شرعية لأنها توصل منشورك للمهتمين به فعلاً، ومثال على ذالك صفحة أحمد حلمي الرسمية على الفيسبوك التي ظهرت منذ خمس دقائق بعد كتابة هذا الموضوع ( هنا )  والتي زاد عدد متابعيها ليقارب الثلاثمائة ألف في ساعات قليلة بطريقة الإعلانات الممولة للفيسبوك.

وهناك عامل آخر أدى لزيادة معجبي هذة الصفحة أيضاً وهو قانون جديد للفيسبوك يسمح لصفحات المشاهير الموثقة بالحصول على كل معجبي الصفحات المزيفة التي أنشأها آخرون باسمهم، فمجرد توثيق الصفحة باسم "أحمد حلمي" يتم عمل حصر تلقائي لكل الصفحات التي تحمل نفس الاسم ونقل معجبيها إلى صفحة أحمد حلمي الحقيقية.

هناك تعليق واحد:

تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.