أنهيت أول أمس قراء الترجمة العربية لقصة حياة الرجل العظيم مالكوم اكس ، أو الحاج مالك الشباز كما أسمى نفسه بعد رحلة الحج إلى مكة المكرمة ، الترجمة رائعة ومشوقة ومثيرة وإن اصطبغت ببعض الحذف غير المبرر ، حيث قامت المترجمة ليلى أبو زيد بإقتطاع الأجزاء من النص الأصلى التى يتحدث فيها إكس عن إنحرافاته قبل إعتناق الإسلام ، ولا أرى أى داعى لذالك من الأصل ، لكن الحذف هو أحد آفات الترجمة العربية ؛ حيث يضع المترجم نفسه رقيباً على أخلاق القارئ ومُراجعاً لأخلاقيات الكاتب . ولا أعتقد أن مالكوم إكس المسلم التقى المناضل كان ليُملى فى سيرته الذاتية أى كلمات تخدش الذوق الطبيعى .
الكاتب هو أليكس
هالى المتوفى عام 1992 عن 71 عاماً ، والذى ـ بإحترافية عالية ـ استطاع جمع كلمات مالكوم إكس الشفوية المتناثرة ليصنع منها تحفة فنية فى التشويق
والإثارة وتصاعد الأحداث ، ومع شخصية عصبية كـ اكس يصعب على أى إنسان السيطرة على
رغباته فى توجيه الكاتب ، لكن أليكس استطاع خلق علاقة قوية معه وبالتالى التأثير
على رغبته فى االسيطرة على مسار الكتابة ، وكان أليكس يستمع إلى مالكوم ويكتب ،
ويدون ملاحظات أخرى بعيداً عن كلماته ، وبذالك تمكن من تكوين صورة كاملة للقارئ عن
حياة هذا الرجل .
وتتميز سيرة حياة
مالكوم إكس عن أى شئ آخر بأنها تنتهى بمقتل البطل ، حتى أن الجزء الأخير من الكتاب
كُتب عن إجراءات الجنازة ومراسيم التأبين ، وبذالك تكون بين يديك الصورة الكاملة
للأمريكى الغاضب ، وهذة السيرة على عنفها وامتلاءها بالصراخ والضجيج إلا أنها تحمل
الكفاح والعصامية ، هذا الشاب الذى نشأ فى بيئة تدعوه للإجرام فأصبح مجرماً وانتهى
به الأمر فى السجن ، وهناك وصلته دعوة الإسلام المشوهة من إلايجا محمد فآمن بها ،
ثم انقلب على إلايجا وانتسب إلى الإسلام السنى ، وكان نتاج هذا أن قتله أتباع
إلايجا بدم بارد ، وبين كل هذا تبرز الثقافة التى انتقلت بمالكوم من الحضيض إلى
القمة ، وترى بعض المشاهد التى تحمل المفارقات الخارقة مثل صورة مالكوم وهو يخطب
فى إحدى الجامعات فتقع عينه من النافذة على الشقة التى كان يخبئ بها المسروقات
أثناء عمله كـ لص !
مالكوم إكس هو التطرف
والجنون والرغبة فى الحياة بأكمل صورها ، هو الأمريكى الأسود الذى سأم من الإضطهاد
وأراد بكل قوته ان يضع له نهاية ، ورأى أن نهاية التطرف لا يمكن أن تكون إلا بتطرف
مضاد ؛ فرفض دعوات مارتن لوثر كنج للنضال السلمى من أجل الحقوق المدنية ودعا
للنضال القوى العنيف من أجل الحقوق الإنسانية ، وبالرغم من أن التاريخ أثبت أن
مارتن لوثر كنج كان على صواب بينما تطرف مالكوم اندثر بمرور السنوات ، إلا أن
الرجل يبقى أيقونة الحرية والرغبة والنضال والثقافة التى تغير حياة الأفراد والأمم .
فى هذا الكتاب تجد
مشاهد كتابية جديرة بأن لا تخرج أبداً من ذاكرتك ، تجد مالكوم طفلاً يشهد مقتل
والده بيد متطرفين بيض ، وتجده كبيراً يحدث أحد السود السكارى قائلاً "يا أخى
إنهم يريدونك هكذا سكيراً ضائعاً حتى يجدوا التبرير حتى ينهالوا عليك بهراواتهم"
، ينتقل إكس الى تحرير السود بعد أن حرر نفسه ، وفى رحلة تحرير نفسه يمر بمراحل
أيضاً ، أولها فى السجن عندما امتنع عن السجائر ولحم الخنزير ، ثم عندما اعتنق دين
"أمة الإسلام" ، ثم عندما زار مكة وأيقن أن البيض أيضاً بشر عاديين يمكن
أن يكونوا مسلمين صالحين وانتقل إلى الإسلام السنى ، سيرة حياة مالكوم إكس كفيلة
بأن تلهم كثيرين وتغير حياتهم للأبد .
لتحميل الكتاب اضغط هــنــا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقك لازم يكون مفيد، الشكر وإبداء الإعجاب أمور غير مفيدة.