الأحد، 23 نوفمبر 2014

راح

أستمعُ* الآن إلى كل أغاني الفراق التي أجدها في طريقي وأتلذذ بها ما استطعت، لقد أحببتك فعلاً يا مريم ولكنه كان حباً مقرفاً، كنتِ تسحبين من جسدي كل فيتامين ب6 فتلتهب أعصابي وتنزعين من قلبي الكالسيوم فترهقينه، وتقفلين ممرات الصوديوم وتعطلين إنزيمات التنفس فيصيبني الاختناق، لم أعد أهتم لأمرك ولا لبكائك على حائطك الوهمي فرجولتي ـ الآن ـ أهم، وعيناكِ وشفتاكِ ونهداكِ ما عادا يثيران بي إلا الرثاء لذاتي والاعتذار لنفسي فأنكب على روحي راثياً ومعتذراً، عرضت نفسي لهذا الهوى الذي ـ رغم كل خطاياي ـ ما كنت أستحقه.

وضعتُ بيدِك حجراً فرميتِهِ في وجهي، علمتُكِ الرماية فلما استد ساعدكِ أنشبتِ كل الأسهم في صدري، فواأسفي على هذا الصدر . أقف أمام المرآة وأتأمل ندوب وجهي وأتحسس شَعري الإفريقي بكل الحب الذي افتقدتهُ طويلاً، أمنح نفسي موعداً غداً وأذهب، أدوس على الأرض في فخر وأتأمل السماء وَحدي، وأرتدي أكثر تيشيرت أحبه. استمع إلى نزار قباني في صوت كاظم الساهر وأغني مع كل أغنية، وأضحك وأحدث أمي في الهاتف قائلاً إني بخير ولا أشعر أني منافق، أطلب أختي ذات الثلاثة أعوام كي أحدثها وأسمع همهاتها تحاول تنطق اسمي وأضحك، أضحك، وأساعدها في لفظ الاسم وأقوله معها، للمرة الأولى منذ أعوام يا مريم أشعر أني بخير، كمن استأصل جزءاً من كبده، كبده الذي كان يحبه لكنه كان ملوثاً بالفيروس ويجب بتره.

لم أترككِ يوماً حتى حين تركتك، كنت أحبك حين أكون حبيب سواكِ و "أشرب نخبك حين ترافقني امرأةً للعشاء**"، كان السؤال عن حالتي العاطفية يربكني ويهزمني ويذكرني بضآلتي في حياتك وضخامتك في حياتي ويكسر بي كبرياء الرجل، ما اسوأ أن ينكسر كبرياء الرجل يا مريم ، وما أحلى أن ينفض المرء عن ذاته الغبار المخدر ويقف على قدميه، القيام بعد الركوع، سأرمم كبريائي ببطء وعزيمة وسأجدد غروري بقسوة. وأنتِ، ما أنتِ إلا يدٌ تطاولت على روحي فقطعتها.

لا أشكو إليكِ ولا أراسلك ولستِ صديقتي بعد الآن، إنما أكتب ما أكتب ذا كي أؤلمك. أي قسوة تلك التي مارستيها عليَّ حتى تجعليني رجلاً يكتب كي يؤلِم؟

ملحوظة1: ألقيتُ الجزء الذي سرقته من سلسلتك في القمامة، والعملة التي عليها خطك منحتها لمتسول فشكرني ثم رماها في وجهي قائلاً أنها لا تصلح، عبثاً حاولت إقناعه أنها تساوي سبع جنيهات ما اقتنع؛ فألقيتها في وجهه.

ملحوظة2: مهرجان شعبي كي أجعل هذا النَص سيئاً، لا تستحقين نصاً جيداً: https://soundcloud.com/sm3nash3pey/fw2otxadqrgx


الوداع بلا تحايا

عمر عاطف أحمد علي

أسيوط، وبني سويف – 15/11/2014

*الراح هي الخمر
**من قصيدة "تناقضات ن.ق الرائعة"، نزار قباني