الجمعة، 31 أغسطس 2012

لا تحترس !

 
 
يا صاحبى
 
لا تحترس
 
ماذا يفيد الإحتراس
 
هل ينطق الريم الضعيف
 
إذا يلاقى وجهُهُ .. فك الذئاب المفترس ؟
 
****
 
لا تحترس
 
فأنا وأنت وكلنا لن نمنع المطر القوى إذا تهاوى كالفرس
 
وأنا وأنت وكلنا لن نمنع الصوت الجميل
 
إذا تغنى كالجرس
 
ماذا بربك قد يفيد الإحتراس
 
وقد تهدمت الأسس ؟
 
****
 
يا صاحب القيم التى ما عاد يجدى ذكرها
 
يا صاحب الليل الطويل
 
وصاحب الجسد النحيل
 
وصاحب الهم الثقيل
 
يا صاحبى
 
إجمع أقاصيص الهوى .. تلك التى قطعتها خوفاً من السجان
 
فلقد سئمت من القلق
 
****
 
ما عاد يجدي الإحتراس من الرقابة
 
لقد أفاقتنى الكتابة
 
على سطورٍ من حرس
 
تحمى يدىَّ من الخرس
 
وتطمئن القلب الممزق من طعانات الزمان
 
ما عاد قلبى
 
يحترس
 
_________________________
 
عمر أبوالنصر
 
1/9/2012
 
7.33 AM
 
 
 


أَحلام ساكنْ الأَرض

 
 
أُسلم ذاكرتى للموتِ
 
وأزيح الذبحة عن صوتى
 
وأصير أردد أنغاما
 
وأقول ألا ليتك لغتى
 
تصبح كلماتك ألحانا
 
وتصير حروفك موسيقى
 
ويصير غثاء حضارتنا
 
جسداً مغرياً ورقيقا
 
لكن أصطدم بواقعنا
 
أنا نتكئ على الصمتِ
 
تحتال الفرحة أحزانا
 
وأعيد الذبحة فى صوتى
 
 
****
 
أحياناَ أخرى أتأمل واقع كوكبنا الموجوع
 
وأحاول أشرح للعالم صوت الصرخات المسموع
 
فيصيح العالم منشغلاً : هلا غيرت الموضوع ؟
 
****
 
أحبس كلماتى فى صدرى كى لا أرهقكم يا كوكب
 
لكن الطفل إذا يتعب
 
يصبح أوجاعاً لا تتعب
 
إن نفقدُ نور الإحساسِ
 
فالحجرُ إذاً منكم أقرب
 
****
 
قولوا من خلفى : حرية
 
أَعلوا أصواتاً مضطهدة قد نامت عنها البشرية
 
إنضموا للحزب الأقوى
 
حزب الثورات الفكرية
 
****
 
ثم إستيقظت
 
 
 
عمر أبوالنصر
 
1/9/2012
 
4.49Am


الخميس، 30 أغسطس 2012

مذكرات جندى مقاتل | "1"

 
 
المكان : مكان داخل سيناء حيث يتمركز أشخاص لن يفيدك أن تعرف موقعهم بالتحديد ..
 
الزمان : إن كان المكان لا يفيدك فالزمان كذالك .. لكنه ليس حدث بعيد ..
 
 
 
ثلاثة جنود مقاتلين ( ركز جداً على تسمية مقاتلين لأن كلمة مجندين تصيبنا بالأرتيكاريا ) ، على وحنا وأنا ، وأنا إن كنت غير متابع جيد للأخبار إسمى أشرف ، فقط أشرف هو ما يهمك أن تعرفه عنى ، أشهر من النار على العلم المدفون وسط الصحراء حيث لا يراه أحد ، لذالك لن أعاقبك على عدم معرفتك بشخصى .
 
حنا :  نقول عنه أنه متوسط الطول رغم أننا ندرك أنه قصير ، غائر العينين ، معوج الكتفين بشكل واضح .
 
على : نقول عنه أنه قصير وضميرنا مرتاح لأننا ندرك جداً أنه قصير ، نحيف ، يمتاز بأعين من تلك التى لن تفرقها كثيراً عن أعين الثعالب الجبلية ، يشرب لترين من الماء ونصف كيلو بانجو يومياً ، مفرط جداً فى شرب المخدرات .
 
ثلاثة أشخاص فى منخفض ، بين جبال سيناء عديمة الملامح ، خنادق تؤدى إلى أعلى الجبل ، مخابئ للأسلحة الغير موجودة ، هو فقط موقع مراقبة لا أكثر ، على الحشاش أفرط فى شرب الحشيش وأشرك معه حنا ، حنا ليس حشاشاً ولكنه يشرب عندما تتاح الفرصة مجاناً ، أنا مستلقى على سريرى ( سأسميه سرير من باب التجاوز المقبول ) أداعب أجزاء سلاحى وأعيد تركيبها على أمل أن يتحول الرشاش إلى دبابة أو قاذفة ،
بينما صوت ضحكات على وحنا يكاد يصل إلى مستعمرات الضفة الغربية .
 
حنا : ألفلك سيجارة يا أشرف ؟
 
أنا : لا ماليش مزاج
 
على يغمز حنا : متفكروش بينا أحسن يقوللنا إشربوا برا
 
سمعت على وقررت أن أحقق مخاوفه فصحت بصوت جاد : ياللا ياض منك ليه إطلعوا إشربوا برا ..
 
على ( وقد أصابته عدوى الجدية ) : فيه مطر برا يا عم
 
أنا : إطلع إشرب برا أحسن مافيش شرب خالص وكفاية كده زادت وفاضت ؛ متنسوش إن فى أى لحظة ممكن ييجى تفتيش
 
حنا : يا عم ما بتوع الدفاع اللى جنبنا واخدين بالهم يعنى هنعرف لو جه تفتيش ، ومن إمتى أصلاً بييجى تفتيش يا عم المحترس
 
أنا : طب بطلى فزلكة وقومى جهزى العشا يا سوسن
 
حنا : حاضر يا سى السيد
 
 
******
 
 

بعد الطعام ( سأسميه طعام من باب التجاوز ) أشعلت سيجارة وأعطيت على واحدة بينما أعد الشاى ، وأخرج حنا الإنجيل وأخذ يقرأ بإنسجام .
 
لاحظت أن على يخرج من المبيت ( غرفة إقامتنا إن أسميتها غرفة ) ويعود وعلى وجهه علامات الإرهاق ، سألته :فيه حاجة يا على ؟
 
 
أفضل ما فى الخدمة العسكرية هى تلك الرابطة الغير متفق عليها بين الجنود ، كأن هناك صلة قرابة من نوع ما ، قد يحدث خصام أو غضب لكن تظل الرابطة قائمة ..
 
على : أبداً مافيش شوية مغص
 
 
أنا : تاخد حاجة للمغص ؟
 
 
فى هذة اللحظة وضع حنا الإنجيل جانباً وإستلقى على الأرض يكاد يغشى عليه من الضحك وهو يردد : إيه يا سيادة نقيب الأطباء منورنا والله
 
 
على ( وقد أغراه ضحك حنا بالإستمرار فى الفكاهة ) : معلش والنبى يا دكتور أشرف ممكن حباية ترامادول ؟
 
 
سحبت خزنة البندقية وألقيتها تجاه بطن على قبل أن نستلقى جميعاً ضاحكين كأننا فى أحد أندية الضحك الهندية
 
 
****
 
على : لا بجد يا جماعة بطنى بتوجعنى جامد
 
 
أكثر من ساعة وعلى يتألم ويتحرك بشكل عرضى داخل الغرفة ، والتوتر يكتسح المكان .
 
 
نخاف أن نتصل بالقيادة لنبلغهم بمرض أحدنا حتى لا يؤدى ذالك إلى تغيير مواقعنا وإرسالنا إلى جحيم الكتيبة الأم بعيداً عن رفاهيتنا هنا فى موقع المراقبة ، أو على الأقل قد يؤدى إلى عمل تحليل دم لــ على وينكشف الحشيش الذى يسبح فى دمه .
 
وأخيراً قررنا أن يأخذ أحدنا على إلى الطريق الرئيس ويستعين بأى سيارة مارة لإيصاله لأقرب مستشفى ، بعد أن يبدلا ملابسهم العسكرية ويرتديا الزى الملكى ( العادى ) إتقاءاً لشر الشرطة العسكرية .
 
****
 
فى طريقهم إلى المستشفى تألم على بشدة واصابته نوبة إغماء من فرط الألم فاضطر حنا إلى الإتصال بى فى نقطة المراقبة ليبلغنى بحالة على فاتصلت أنا بأحد أصدقائى المقربين من القيادة فى الكتيبة الأم ، لأستشيره ، فنصحنى أن أبلغ الضابط المسئول لأن الموضوع به خطورة حيث أن على حشاش وربما تتدهور صحته ، وهددنى إن لم أبلغ القيادة سيبلغ هو ليحمينى من المخاطرة إن تدهورة صحة على أكثر .
 
على ليس مدمن بالشكل الذى يعتقده البعض ، ليس فاقد التركيز ولا تسيل عيناه وأنفه ولا يشعر بتقلصات فى عضلاته عند الحاجة للمخدر ، لكنه يشرب جميع أنواع المخدرات إبتداءاً من الشى والقهوة مروراً بالحشيش والبانجو والترامادول وليس إنتهاءاً بالأفيون ، لذالك صحته بالفعل فى خطر .
 
 
بعد ربع ساعة من القلق إتصل بى حنا ليبلغنى أن على أفاق من الغيبوية وهو داخل الآن إلى المستشفى ، وحالته ليست خطيرة ، وما كدت أن ألتقط أنفاسى بعد مكالمة حنا حتى إتصل بى صديقى المقرب من القيادة فى الكتيبة الأم ليخبرنى أنه أبلغ الضابط المسئول وهو فى طريقه إلى الآن .
 
 
هنا توقف عقلى !
 
 

أين أنا ؟
 
هل بالفعل هناك ضابط من القيادة ومعه قوة قادمين الآن ؟
 
هل سيرون آثار الحشيش على الأرض ، وربما بالتفتيش البسيط يمكن إكتشاف مخازن المخدرات التى يخفيها على والتى تكفى لسطل شعب بنما ..
 
المكان غير مرتب حتى وهو ما يكفى لعقابى بشدة ، كل شئ مخيف من حولى ، لأول مرة أدرك أنى وحيد فى هذة الصحراء الغير منتهية ، أصوات الذئاب التى كنا نتسلى بقتلها اصبحت مخيفة جداً ، الذخيرة !
 
إن جاء الضابط وفتش على الذخيرة سيعرف أن بها زيادة وهو ما يعنى أننا لا نستهلك المطلوب فى التدريب ولا نقوم بتدريباتنا ..
 
يجب التخلص من الذخيرة الزائدة ..
 
والحشيش الزائد ..
 
وعندما يعود على وحنا بملابس غير عسكرية سيتم عقابهم وعقابى معهم ..
 
أتخلص من الذخيرة الزائدة والحشيش الذى لا أعرف مكانه ورمل الصحراء الذى يرعبنى وأتخلص من نفسى التى وقعت فى هذا المأزق اللا منتهى ..
 
مالى وللسلاح والذخيرة ، ما أتى بى هنا ، سيأتى الضابط ليتهمنى بأنى كنت أشرب مع على ، هل سأبقى إلى أن يأتى ؟
 
أصوات الرمال تخرج منها الشماته وكأن كل ما حولى يعرف ما سيحدث ، لا شئ حولى ، لأول مرة أشعر برهبة هذا المكان ، لأول مرة أحس كم هو واسع جداً ، خرجت من المبيت ووجدت الأمطار شديدة جداً ، أخرجت سلاحى ووجهته إلى الأعلى وأطلقت بعض الأعيرة النارية تجاه اللاشئ .
 
****
 
-يتبع




وَطَنِى .. !

 
فِى وَطَنِى
حِكايَات
وبيتٌ منْ قديمِ العُمر
نَسْمعُ منهُ أصْواتْ
وفِى وَطَنِى
نُكَرِّر سَبع لاءَات
لَا لتدخُّل الأَحداثِ فىِ الرُؤية السيَاسيَّة
ولَا للْحرْبِ والْصُلحِ
ولَا للْطفل إنْ يسأَل عنْ الأفعالِ والنيَّة
ولَا للحُسنِ والقُبحِ
ولَا تأتِى إذَا قُلنا بصوتِ الشعبِ لاَ تَأتِى
وإنْ جئتَ.. لَاتسأَلْ عنْ الصوتِ
وَلا تسْأل عنْ الصَمتِ
وقِف حتَّى يعُودُ مليك دولتِنا منَ الموتِ
***
 
وفِى وَطَنِى
نرُش الأرضَ بالزَيتِ
لكَى نشوِى عليهَا النورْ .. بعدَ مراسِمِ الذبحِ
وفِى وَطَنِى
نَرُش الجُرحَ بالمَلحِ
ونَضحَكُ مِلءَ أَعيُنِنَا
ويَبْكى صَاحبُ الجُرحِ
***
 
وفِى وَطَنِى
نُصفِّق إذْ يَقولُ الشَاعرُ الكَذَّابُ
يَا وَطَنِى
ونَسألُ بينَ أَنفُسِنَا
أَيكذبُ مثلَ عادَتِهِ ؟
أَزوَّر فِى حِكايَتِهِ ؟
ونُلقِى عِندَمَا نَسأَمْ
عَليهِ تُهمةَ العتهِ
نُريحُ ضَميرنَا الميِّت
مِنَ التَفكِيرِ والظَنِّ
ونَرفَعُ عَلَم دولتِنا
علَى ظهرٍ لَنَا محنِى
لَنا ظهرٌ لَنا مَحنِى
حنَتهُ مصائبُ الزَمَنِ
فَمَنْ ذَا كانَ عَربيَّاً ولم يَلعَق منَ العَفنِ ؟
عمر أبوالنصر 
 
 
 


المتحمسون للغباء

فى السابق ، سابق السابق ، سابق جداً ، عندما كانت دفقات هرمون التستوستيرون تسرى داخل جسدى لتصيبنى بالعصبية الشديدة كلما رأيت حدث غبى من شخص غبى يحدث أمامى ، قررت أن هذا لابد أن يتوقف ؛ ولأننى لا أستطيع أن أوقف الغباء فقد قررت أن أوقف نفسى عن الغضب ، لذالك أصبحت كلما أمر على شخص غبى يفعل شئ غبى أبتسم من داخلى على تلك الأيام التى ناقشت فيها الأغبياء بحماس وإعتقدت أنه من الممكن إصلاحهم ( ربما أن تعتقد أنه يمكن إصلاحهم يجعلك واحد منهم .. ربما ) .
 
 
 
 
اليوم توقفت أمام صورة منتشرة جداً على الفيسبوك بها معلومات ما أنزل الله بها من سلطان ولا أعرف من أين أتى بها الشخص اللوذعى الفكر .. مخترعها ، ولأننا فى عصرنا هذا نفعل الغباء نبتغى به وجه الله ، فقد طلب سيدنا حمار الفكر مبتدع الصورة من كل من يراها أن ينشرها حتى يكتسب الأجر ، ولأنى أردت أن أكتسب الأجر وأروض نفسى على قبول الغباء بصدر رحب فقد نشرتها على حسابى على الفيسبوك .
 
الصورة الموضحة أعلاه لا تحتاج إلا تعقيب غير أن كل ما بها من معلومات هى مغالطات واضحة يطلب صانعها من قارئها أن ينشرها حتى يقنع هؤلاء الذين يفكرون فى أصول العقيدة ، لا أستبعد أن يكون صانعها هو ممن يريدون هدم أصول هذة العقيدة عن طريق الإيحاء بأنها عقيدة مغالطات .
 
لكن الشئ المدهش حقاً .. هو أن هذة الصورة تعرضت لعدد قياسى من مرات النشر على الفيسبوك بعنف ، ربما هذا لا يدل فقط على إنتشار الغباء ، لكن أيضاً على إنتشار المتحمسين للغباء .
 


الجمعة، 10 أغسطس 2012

أَنْ أحْـزَنْ !


الضحك فن راقى .. يوم يمر عليك بلا ضحك لا يحتسب من عمرك كما قال شارلى شابلن ، الموسيقى فن راقى .. الشِعر فن راقى .. ماذا إذاً عن البكاء ؟

البكاء فى التعريف المعجمى الغير دقيق هو خروج سائل يسمى الدموع من العين للتعبير عن الإنفعال الشديد إيجاباً أو سلباً .. حزناً أو فرحاً ؛ لكنه يتكرر أكثر فى حالات الحزن المفرط الذى لا تقوى النفس البشرية على تحمله .. هل البكاء فلسفة ؟ .. هل هو فعل مدفوع ذاتياً أم مدفوع بعوامل خارجية ؟ .. هل هو بالفعل الطريقة الأفضل للتعبير عن الحزن ؟

أن أحزن .. هو أن تتلاقى داخل قلبى بعض المشاعر تعصرنى من الوريد إلى الوريد ، من الطرف إلى الطرف ، وتجتاح الجسد الضعيف بالهدوء الذى يزيده ضعفاً على ضعف ، هو ليس حدث جيد بأى حال لكن البعض لا يرتاح إلا فيه ، الحزن الهادئ ليس جيد ولكنه مريح ، تماماً مثل الطعام الغير صحى أو النوم داخل الثلاجة ، ليس جيد ولكنه مريح ..

" إِنْتَهىْ فِى وَقتٍ لَا يَنتَهِى فِيهِ مثْلُهْ "

الخميس، 9 أغسطس 2012

أقصى طموحاتى



أقصى طموحاتى 

أن أجعل بعض الأحلام 

قطعة خبز ترضى جوع المنكوبين 

أو طلقة حرية 

تهدم فينا سجن الطين

أو كلمة أغنية 

تجذبنا من نكسة وطنى

نرجع للنصر بحطين 

وتمزق فينا أشياءاً ننسبها - زوراً - للدين 

أقصى طموحاتى 

أن أصبح رجلاً مشنوقاً مكسور الأصوات حزين 

ويقطع جسدى أشلاءاً .. تطعم جوع المنكوبين ..



عمر أبوالنصر

10/8/2012

3.31 Am

الاثنين، 6 أغسطس 2012

فلسطين ~ شعب الله المرفوض !!



أعتقد أنى أنتمى لمدرسة فكرية لا تنظر لفلسطين على أنها فقط قطعة جغرافية ممزقة الأوصال ، لكنى أراها أكثر نقطة الإلتقاء بين الخير والشر ، والحرب المثالية بين الحق والباطل ، هى جبهة الإلتقاء بالعدو مباشرة  لذالك فهى أكثر من أرض ، إنها شرف وإنتماء وقضية إنسانية تطعن الشرف العالمى فى موضع عفته ، وتغتاله فى موضع أمانه ، لكن ما أحزننى وأضاف لأوجاع فلسطين وجعاً مضاعفاً هو تلك النظرة التى نعطيها بوعى أو بدون وعى لشعب فلسطين .

الفلسطينى فى كل مكان مضطهد مرفوض متهم بأنه باع وطنه وقضيته ، كأن هؤلاء الذين يجعلون من أجسادهم قطعاً راضين بالأحزمة الناسفة كفناً لا ينتمون لشعب فلسطين ، وكأن هؤلاء الذين أفنوا زهرة أعمارهم فى المعتقلات ثائرين رافضين مضربين عن الطعام لا ينتمون إلى شعب فلسطين ، المخيمات الفلسطينية التى يقطنها المهجرون الذين تركوا بيوتهم وأرضهم قسراً ليلجأوا إلى أشقائهم ، يُنظر لهذه المخيمات على أنها بؤر إجرامية يسكنها شعب من الغجر - مع إحترامى الشديد للغجر - لا تخرج من عندهم إلا الإضطرابات والقلاقل ، ولا يصدرون إلا المشاكل ولا يريدون إلا إحتلال أى أرض يتواجدون فيها ، بالله عليكم أيها العرب كيف كونتم هذة الفكرة عن شعب لم يعرف خلال تاريخه المعتل إلا الكوارث والنكبات والتهجير يتلوه التهجير .. والقتل بأشكاله بدءاً من المذابح مروراً بالقتل تحت التعذيب وليس إنتهاءاً بالإغتيالات .

الفلسطينى رخيص كما التراب رخيص ، بل إن التراب يصبح غالياً أحياناً إن كان تراب الوطن فيغنى له المطربون أحلف بسماها وبترابها ولا يحلف بالدم الفلسطينى ، نشاهدهم يُقتلون بالعشرات فنردد حسبى الله ونعم الوكيل بينما نشرب العصير أو الشاى فى برود تام وربما غيرنا القناة لتجنب "الغم" ، هكذا هى فلسطين اليوم أيها العرب الكرام ، مصدر الغم ، ماتت جميع شعاراتكم المجوفة عندما ظهرت أول بادرة لمساعدة غزة المنكوبة ، وحتى لم تكن بادرة حقيقية لكننا أبينا إلا أن نلقيها على غزة ، عندما حدثت مشكلة كهرباء مصر ألقينا اللوم على المواطن الفلسطينى الذى لا يجد الماء النظيف إلا بشق الأنفس ، كأنه من المفترض به أن يعانى ويكافح ويجهد ويحرر وطنه من أعتى جيوش العالم وبالطبع أن يتذلل للأشقاء العرب حتى لا يهاجموه ويتهموه أنه إنتهازى إستغلالى حقير .. إن كانت هذة هى مساعدتكم لفلسطين فلتذهب مساعدتكم إلى الجحيم ولتلحقوا بها وليلحق بكم العار .

إن مات مصرى فى أقصى حدود لبنان مع سوريا فبالتأكيد الفلسطينيون يتحملون الإثم كاملاً غير مجزوء وعليهم أن يتركوا معاناتهم اليومية مع لقمة العيش وقطرة الماء ويخرجوا فى مسيرات يعلنون أنهم أبرياء ، لأنهم على كل حال متهمون ، إن رفعوا أعلام مصر فهم يريدون إستعمارها وإن رفعوا أعلام سوريا يريدون خرابها وإن رفعوا أعلام المريخ فهم يريدون إخراجه من المجموعة الشمسية وإن رفعوا علم فلسطين فهم ناكرين للجميل العربى عليهم ، نصيحة أيها الإخوة الفلسطينيين لا ترفعوا إلا علماً مضرجاً بالدماء التى نزفتها قضيتكم على مرأى ومسمع من العرب ، إرفعوا راية تعلنون فيها أنكم لستم أبرياء من شئ لأنكم لستم متهمون بشئ ، إن قتل اليهود جنوداً مصريين يجب معاقبة المواطن الغزاوى الذى يريد علاج إبنه ويتم غلق معبر الحياة والمنفذ الوحيد حتى إشعار آخر أو حتى يموت مواطنوا غزة جوعاً وعطشاً ومرضاً أيهما أقرب ، يا مدعيى العروبة ويا أنصاف العرب ، تضامنكم الوهمى مع فلسطين وإرتدادكم إلى خذلانها يقتلها ويهين كرامتها ، اللعنة على كل متضامن مؤقت واللعنة على من يتساهل فى إهانة شعب قد أهانته الأحداث والنكبات .. المجد لفلسطين ..

عمر أبوالنصر

6/8/2012

8.56 PM

الجمعة، 3 أغسطس 2012

فوبيا اليوتوبيا .. لماذا نخاف من أن نصبح كاملين ؟



فوبيا اليوتوبيا .. مصطلح معقد بعض الشئ لكنه لن يكون كذالك إن قمنا بفك شفرته ، الفوبيا هى خوف مرضى غير مبرر يصل لحد الرعب من أشياء يتوقع منها أن لا تسبب مثل هذا الرعب للبشر العاديين .. البعض لديهم فوبيا المرتفعات فلا يمكنه أن يقف على كوبرى لندن مثلاً دون أن ترتجف أوصاله وربما وصل به الأمر إلى الإغماء ، والبعض لديهم خوف من الحشرات أو الزواحف ، وقد تصل الفوبيا إلى  صور غريبة جداً لا يمكن تصورها فى سيكولوجيات متزنة .. مثل فوبيا الورق !!.. حيث يكون مصاب فوبيا الورق مرتجف الأوصال بمجرد أن يرى قطعة ورق بيضاء أو حتى فتافيت ورقية ،أو فوبيا النوم التى تجعل الأشخاص يخافون بشكل غير طبيعى من النوم مما يجعلهم يلجأون للأقراص المهدئة.. وهناك فوبيا الألوان وفوبيا المرايات0

هل أصبح مصطلح الفوبيا واضحاً لديك الآن ؟ 

ننتقل الآن إلى الجزء الثانى من إسم هذا المقال .. اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة هى فكرة فلسفية وضع أسسها الفيلسوف اليونانى أفلاطون حول مدينة صغيرة تسود جوانبها العدل والرخاء والمحبة والسلام ويعيش فيها المفكرون والفلاسفة والمبدعون فى وئام تام .. عدد سكانها لا يتجاوز بضعة آلاف ويتم إخراج منها كل الفئات التى لا تلتزم بقواعد المثالية التى تقوم عليها المدينة الفاضلة ، بإختصار هى رمز الكمال فى الأدبيات الفلسفية والمعبر الأمثل عن حلم الوصول إلى القمة فى الأخلاق والنظام والسياسة 0

وبهذا يكون مصطلح فوبيا اليوتوبيا يعنى خوف الإنسان من الوصول للكمال !!0

هل بالفعل الإنسان يخاف من الوصول للكمال ؟ 

تزخر التحليلات النفسية والثقافات بفكرة أن الإنسان هو كائن حى يسعى دائماً للكمال ، ويبذل الغالى والنفيس والرخيص والمادى والمحسوس من أجل أن يقترب من فكرة الكمال بأقصى شكل ممكن ، لكن إن كانت هذة الفكرة بالفعل صحيحة لماذا لم تنجح البشرية طيلة تاريخها فى صناعة مدينة فاضلة حقيقية على الأرض ؟ 

هل كوكب الأرض الذى يعج بستة آلاف مليون من البشر يعجز أن يخرج من بينه بعض آلاف من المفكرين والمبدعين الذين يستطيعون الإلتزام بقواعد المثالية ؟ ..بالطبع لا !1

أرى أن نظرية البشر الساعين دائماً إلى الكمال منعدمة التفسير على أرض الواقع ، فما كان البشر أبداً هم تلك المخلوقات التى تبحث عن الكمال وتريد تحقيقه ، نحن البشر الذين قررنا تدنيس كمال الأمريكتين وأزلنا منهما كل معالم الجماليات ونحن نعلم أننا نبتعد عن الكمال وسعداء بذالك ، البشرى بطبعه يريد ن يعيش بشريته التى لا تتحقق أبداً بالكمال الملائكى المجرد من الإنسانية ، بشر أرضيون من النوع الذى لا يرضيه نقاء الماء ما لم يضع فيه بعض الكلور لغرض التنقية ونزع الكمال ، ولا يرضيه السماء الصافية بلا دخان ينزع عنها كمالها ويجعلها مكاناً أليق أن يعيش تحته بشر أرضيون من لحم ودم كما قال الشاعر العباسى أبو نواس ، وهنا يجب أن نتخلى عن نظرتنا تلك الموروثة التى تجرنا إلى الإعتقاد بسعى الإنسان للكمال ، الإنسان يسعى إلى الإنسانية لا إلى الكمال ولا تكتمل إنسانيته إلا بشئ ناقص ، ولا يشعر بآدميته مع الجو المعقم شديد التعقيم إنما يجب أن تكون هناك بعض الجراثيم المتطايرة حتى تحس أنك على الأرض لم تتجرد من جسدك البشرى

نحن نعانى من فوبيا اليوتوبيا ؛ نخاف من أن نصبح كاملين .. مفهوم المدينة الفاضلة غير قابل للتحقق إلا فى أذهان الفلاسفة وحوارات المثقفين لكن على الواقع هو يصطدم بالطبيعة البشرية التى تميل إلى النقص وتحن إليه حنين من فقد عزيزاً .. فوبيا اليوتوبيا ليست صفة متولده عن العصر لكنها قديمة أزلية منذ بدء العالم وبدء تلك النفس المتداخلة فى النمو ورغبة الإنسان فى تحقيق إنسانيتة وتستمر حتى ينتهى العالم أو ينتهى الإنسان أيها أقرب .. ء

عمر أبوالنصر

4/8/2012

4.35 ص